تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفاسير سور من القرآن
67149 مشاهدة
حكم من حرَّم امرأته

...............................................................................


أما إذا حرم امرأته بأن قال: أنت علي حرام، أو علق تحريمها على شيء ووقع، فللعلماء فيه اختلافات وافتراضات كثيرة، تزيد على ثلاثة عشر مذهبا معروفة في كلام العلماء، أجراها عندي على القياس هو قول من قال: إنه تلزمه كفارة ظهار.
هذا القول: هو أقربها للقياس، وظاهر القرآن العظيم؛ لأن الله نص في محكم كتابه في سورة المجادلة. في امرأة أوس بن الصامت التي قال لها: أنت علي كظهر أمي. أنت علي كظهر أمي، معناه بالحرف الواحد: أنت حرام.
وقد جاء القرآن بأن في هذا اللفظ كفارة ظهار؛ حيث قال: والذين يظَّهَّرون من نسائهم، وفي القراءة الأخرى يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا إلى آخر خصال كفارة الظهار المعروفة في سورة المجادلة. فهذا القول أقيس الأقوال، وأجراها على القياس، وأقربها لظاهر القرآن.
وكذلك قول من قال: إنه يلزمه الاستغفار وكفارة يمين، فيدل عليه ظاهر آية التحريم بناء على أن الذي حرم صلى الله عليه وسلم جاريته؛ لأن في بعض الأحاديث في قوله: لِمَ تُحَرِّمُ أن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أهلها يومها فأذن لها. ثم دعا بجاريته في بيت حفصة لأنه ذلك اليوم عندها وهو في بيتها، وكان بينه وبين الجارية ما يكون بين الرجل وامرأته. فرجعت حفصة ففطنت لما وقع فغضبت، وقالت: ليست لي حرمة؟ أفي بيتي وفي يومي يفعل هذا؟ وأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الجارية إرضاء لها .
فعلى هذا القول أنه في تحريم الجارية، فالله قال بعده: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ فدل على أن في تحريم الرجل امرأته كفارة يمين، والاستغفار. وهذا القولان داخلان في مذهب مالك وكل منهما قال به جماعة من العلماء.
وروى مالك في الموطأ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه إن قال لها: أنت حرام كانت بينونة كبرى، تعد ثلاث طلقات. وكان ابن عباس يفتي بكفارة اليمين، ويقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وأجراها على القياس، وأقربها لظاهر القرآن أن فيها كفارة ظهار. وتتبع طرق أقوال العلماء فيها، وما استدل به كل منهم يطول علينا جدا، ويخرجنا إخراجا بعيدا عن المقصود.
وقوله جل وعلا: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ؛ أي ولا تحرموا ما لم يحرمه الله في الحج من أكل اللحوم، والودك، وشرب الألبان.